إعلانات
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
السبت - 20 تشرين الاول - 2012 - 19:26 بتوقيت دمشق
التفاصيل

 


رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن سبب رسوب ابنها؛ فقال لهم: خلف لا يستطيع التركيز، ويخرج عن الموضوع ولا يكتب عنه ما يستحق العلامة! وحتى لا أظلمه سأورد لكم بعض نماذج كتاباته، وقال الأستاذ: طلبت منه أن يكتب موضوعاً عن فصل الربيع؛ فجاءت كلمات خلف على الشكل التالي “فصل الربيع من أجمل فصول السنة، وفيه تكثر المراعي الخضراء؛ ما يتيح للجمل أن يشبع من تلك المراعي! والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهوله ويسر، ويربي البدو الجمل؛ فهو سفينة الصحراء وعليه ينقلون متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لأخرى، والجمل حيوان أليف…!”


ويستمر طميشان متغزلاً بالجمل وينسى الموضوع الرئيسي!. فرد أحد وجهاء عشيرة الطالب: يا أستاذ قد يكون قرب موضوع الربيع من الجمل أو ارتباطه بالرعي هو الذي جعل الطالب يخرج عن الموضوع! فقال المدرس: لا… وعندي مثال ينقض ذلك، فقد طلبت في درس آخر من طميشان أن يكتب عن “الصناعات والتقنية في اليابان” فكتب خلف: “تشتهر اليابان بالعديد من الصناعات ومنها السيارات، لكن، البدو في تنقلاتهم يعتمدون على الجمل! والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويستطيع المشي على الرمال بكل سهولة ويسر، ويربي البدو الجمل فهو سفينة الصحراء، وعليه ينقلون متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لأخرى، والجمل حيوان أليف…!” وهكذا في كل مرة حتى يتخم الصفحة بحديثه عن الجمل! وقبل أن يقاطعني أحد منكم سأورد مثالاً ثالثاً واضحاً ولا علاقة له بالجمل من قريب أو من بعيد، ففي حصة تالية طلبت من خلف أن يكتب موضوعاً عن “الحاسب الآلي وفوائده” فكان موضوعه كالتالي: “الحاسب الآلي جهاز مفيد، يكثر في المدن ولا يوجد عند البدو؛ لأن البدوا لديهم الجمل! والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويستطيع المشي على الرمل بكل سهولة ويسر، ويربى البدو الجمل فهو سفينة الصحراء، وعليه ينقلون متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لأخرى، والجمل حيوان أليف…!”.


عشيرة خلف الطميشان لم تقتنع بكلام المدرس، فولدهم في ظنها مظلوم ولا بد من معاقبة المدرس؛ قتقدمت العشيرة بشكوى لوزير التربية على لسان ولدها، فكتب الطالب: ” سعادة وزير التربية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… أقدم لمعاليكم تظلمي هذا وفيه أشتكي مدرس مادة التعبير؛ لأني صبرت عليه صبر الجمل! والجمل حيوان بري يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويستطيع الجمل المشي على الرمال بسهولة، ويربي البدو الجمل فهو سفينة الصحراء، وعليه ينقلون متاعهم ويساعدهم على الترحال من مكان إلى آخر، والجمل حيوان أليف! وكما يعلم سعادتكم إن الجمل يستمد طاقته من سنامه الذي يخزن فيه الكثير من الشحوم، أما عيني الجمل ففيهما طبقة مزدوجة تحمي العينين من الرمال والعواصف! فأرجوا من سعادتكم النظر في تظلمي هذا! فالمدرس ظلمني مثل ما ظُلم الجمل في عصرنا هذا؛ إذ تُؤكل كبدته في الفطور في جميع الوزارات والدوائر الحكومية! فأرجوا منكم النظر في مشكلتي التي لا فرق بينها وبين مشكلة الجمل!..


خلف الطميشان لم يكن طالباً كسولاً فهو يقوم بإسقاطات نفسية وفكرية واجتماعية لقصة الجمل على كل ما يواجهه في الحياة؛ فهي القصة والتجربة التي عاشها وعرفها ولا شيء غيرها في مخيلته وذاكرته!. الأمر نفسه أستطيع قوله بالنسبة للنظام السوري؛ فهو يخزن “أكذوبة كبيرة” في ذاكرته السياسية لا يعرف غيرها ولا يستطيع إلا أن يكررها على مسامع شعبه ونظرائه والرأي العام الدولي، وذلك في كل مرة يطلب منه توضيح لما يحصل في سورية!.


النظام اعتباراً من رأسه “بشار الوريث” إلى أبواقه المحليين أو اللبنانيين كذلك ملحقاته في الضاحية؛ يكررون سلوك “خلف الطميشان” فيما يخص الثورة السورية، “فالممانعة والمقاومة” هي البداية والنهاية في حديث أبواق النظام، وهي الجواب لتوصيف ما يحدث في سورية! فجميعنا يذكر كيف تتم الإجابة عن سبب قتل الأطفال، وعن تشريد السوريين وانتهاك أعراضهم وسرقة أموالهم، وعن سبب اعتقالهم وإهانة معتقداتهم وسب رب العالمين… فالإجابة غالباً تكون: كل ما يحدث عبارة عن عصابات إرهابية تستهدف المقاومة والممانعة، وذلك لا وجود له في سورية الصمود والتصدي! فقط في الصور التلفزيونية التي تدبجها وتفبركها أطراف المؤامرة الكونية!.


النظام لا يخرج عن الموضوع وحسب كما يفعل طميشان! بل، يكرر أكذوبة المقاومة والممانعة (قصة الجمل) وكل مرة بنكهة مختلفة! أي أن النظام غبي أكثر بمليون مرة من خلف الطميشان؛ فالنظام لا يحفظ روايته ظهراً عن قلب كما يفعل خلف! بل قدم إلى جانب قصة الممانعة والمقاومة من بداية الثورة إلى هذا التاريخ أكثر من 11 رواية: (مندسين، الفلسطينيين، مخطط بندر، مخطط الحريري، الطائفية، سلفيين، الإخوان، عصابات إرهابية، حبوب الجزيرة للهلوسة، مدينة قطر للفبركة الإعلامية، المؤامرة الكونية…).


شخصية خلف الطميشان وسلوكه تجسد آخر مرة بخطاب حسن نصر الله في الضاحية مضافاً إليه “أكشن” الخروج من الجحر الذي يختبئ فيه، وهي خطوة تمهد لظهور مرتقب لشريك السلاح “بشار الأسد” في محاولة لخطف أنظار المسلمين عما يحصل في سورية! ركوب موجة الغضب التي تنتاب شعور المسلمين لتكرار رواية الجمل (الممانعة والصمود) لم ولن تنفع عملاء إيران خصوصاً بعدما تم نقضها بالاعتراف بوجود عسكري إيراني على الأرض السورية، وتشكي النظام السوري إلى الرأي العام (وزير التربية) لن يلقى أذناً صاغية خصوصاً أن الذي أسقطه هو الشعب (الأستاذ) وبحكم لا يقبل النقض.


[email protected]


عكس السير


اضغط هنا للوصول إلى صفحة عكس السير على "فيس بوك"





أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...

12-10-2012
إذا غضب الله.. بقلم د. محمد عمر بلط
  والله سبحانه وتعالى لا يغضب إلا إذا استُبيحت حرماته جهارا وتحديا وإصرارا ، ولأنه إذا غضب فلن تكون ...