إعلانات
دمعة شاب سوري.. بقلم يوسف عبد الأحد
الاحد - 1 تموز - 2012 - 17:57 بتوقيت دمشق
التفاصيل

أقف في آخر الليل على شرفة منزلي ، و على أصوات لم أعتد بيوم من الأيام على سماعها ،و هيا تتصاعد من هنا و هناك و كأن الليل أمسى نهارا بحلة سوداء.. سيارات الإسعاف و الإطفاء ، أحاديث و كتابات و إشاعات تنتشر على صفحات الفيسبوك تبشرنا بأيام سوداء على الطريق لعلنا نستعد لها .. مع أننا تعودنا على تلك الإشاعات...



لا أعتقد أن ما مر به الشاب السوري منذ بداية الأزمة و حتى يومنا هذا مر به جيل آخر من الشباب في وطننا العزيز .. و أما من يحاول إقناع نفسه بأن هذه العوامل التي مرت علينا ستنشأ جيلا قويا قادرا على مواجهة المصاعب فهذا كلام يرضيه و لا يرضيني بشكل شخصي...



فكروا معي للحظة بموضوعية ... فمنذ عشرة أعوام و الشاب السوري يعاني من إهمال بشكل عام في حياته .. في دراسته .. في كبت طموحاته ... أحلامه التائهة ... و يا ليتنا وصلنا إلى نهاية سعيدة تذكر .



فما أن ينهي الشاب دراسته حتى يصطدم بعقبة الخدمة العسكرية التي تستغرق سنتين تدمر آماله و طموحاته و بعدها ينتقل لحلقة التفكير من جديد ؟؟ كيف سأعيش ؟؟ كيف سأصرف ؟؟ ماذا سأعمل ؟؟ كيف سأتزوج..



عشرة أعوام قضيناها بتعب و شقاء و لكننا بالرغم من ذلك كنا مقتنعيين بالوضع و كما يقول المثل بالعامية (شي بيغطي على شي) فهذا الأمن و الأمان الذي كنا نعيش به .. العلاقات الأسرية الجميلة .. الصداقات و النشاطات التي كنا نقوم بها ..كانت تلهينا و تجعلنا ننسى همومنا و كل صعوبات الحياة.



و قبل فترة قصيرة بدأنا نتأقلم مع نمط حياتنا لدرجة أننا عشقنا بلدنا الحبيب و أصبحنا ننظر للعالم الخارجي و خاصة أقربائنا الذين يعيشون في الخارج على أنهم مجموعة من المغفلين الذين عبدوا المال في حياتهم و تركوا الحياة الجميلة في هذه البلاد ... و حتى أنني أذكر السؤال الذي لطالما تبادر إلى ذهني : لماذا يسافرون إلى أمريكا و أوروبا ، هل هم مغفلون... إلى درجة أنهم لا يستطيعوا مغادرة بيوتهم بعد الساعة الثامنة مساء ، أما أنا فأعيش في بلاد الأمن و الأمان دون وجود أي عائق يمنعني من أن أعيش حياتي بحرية تامة.



لكن هذه تافرحة لم تكمل ، فما إن بدأت الأزمو حتى بدأت الصدمة لدرجة أنني بدأت أفقد صوابي ... نزاعات داخلية ، إملاءات خارجية ، ضغوطات دولية ، فتن قتل و إجرام ينغص حياتنا و يمنعنا أن نعيش بكرامة كباقي الأمم و الشعوب .



حرب داخلية ، حرب خارجية ، و الخاسر الوحيد هو الشعب ، هو الفقير ، هو المسكين ‘ هو عامل التنظيفات الذي مات ابنه ، هو سائق التكسي الذي ينتظر أولاده الطعام بسبب عدم توفر البنزين .. و الخاسر الأكبر هو الشاب السوري الذي فقد كل ما يملك ، تراه كالتائه يسير في الشوارع و الطرقات وهو يفكر...



ماذا أفعل؟

كيف أؤمن الفيزا ؟ و أين أسافر؟

أين أترك أهلي ؟

كيف أترك دراستي؟

هل سأعيش على المساعدات في الخارج؟

أصدقائي مجتمعي علاقاتي مدينتي ذكرياتي.....

ولعله يجد جوابا ....

أسئلة تتكرر يوميا في البيت في العمل بين الأصدقاء و للأسف لا جواب...



البارحة سألت والدي: لماذا أنت حزين ؟

فأجابني: أنا حزين على وطني و على ذكرياتي التي قضيتها في ظل هذا الوطن الذي لم أرى ألطف و أرق من شعبه ، فعلا كنا نشعر أننا إخوة دون تمييز بين عرق أو طائفة أو دين .. أيام لا تنسى و لن تنسى لطالما حييت.



فبادرني السؤال : و أنت لماذا أراك حزين في هذه الأيام؟

فأجبته : حزين على حياة كنت أتمنى أن أعيشها كما عاشها من قبلي ، فأنت على الأقل عشت هذه الحياة و الآن أنت حزين على الذكريات التي مررت بها ، أما نحن فلم نعش حياتنا في ظل سوريا كما كنت أتصورها، نحرق أيام خوفا من قذيفة هنا و مظاهرة هناك، كل يوم صدمة جديدة و نكسة جديدة و فقدان لأحد أصدقائك إما إصابة أو هجرة أو قتل أو خطف ... فياليتني عشت نفس الحياة التي عشتها أنت في صباك ..



ونزلت دمعتي ... على سوريتي....

 


عكس السير


اضغط هنا للوصول إلى صفحة عكس السير على "فيس بوك"





أضف تعليقك :
الاسم : *
التعليق : *
Keyboard لوحة مفاتيح عربية
ضع الكود الموجود بالصورة : *

أخبار أخرى من " مساهمات القراء "

5-8-2013
مسرحية خان العسل .. بقلم ريبال الزين
أسدلت الستار مؤخراً عن مسرحية خان العسل ببيان تنديد من الائتلاف الوطني "المعارض" "للمجزرة" التي قام بها مقاتلون ...


6-6-2013
القصير .. معركة الدفاع عن وحدة سوريا
القصير لكل من لايعرف أو يدرك أنها المعركة الحقيقية لإسقاط النظام لابد له من معرفة أن النظام لم ...


2-2-2013
سيدي الخطيب: قل لي إلى أين نحن ذاهبون؟
  لا ينكرٌ أحدٌ التفاف الغالبية الكاسحة من المعارضة والثوار على الأرض حول السيد معاذ الخطيب حين اختيرَ لقيادة ...

31-1-2013
غارة كشف القناع
  لعلّ النظام السوري أخطأ مرةً أخرى فلم يقتنص فرصة اختراق الطيران الإسرائيلي لأجوائه و يرد و لو بطلقة ...

28-1-2013
شاهد على مجزرة....
  السبت 26/1/2013 أصعب يومٍ مر علي في مسيرة حياتي, كنت أصلي الظهر و في الركعة الثانية سمعت صوت ...


19-1-2013
""مجزرة حلب ... آه على شبابنا يا عرب ...
  بعد يوم من مذبحة حلب الشهباء المنكوبة، كنت أقلب بيدٍ مرتعشة ركام الصور الدامية المدمية عبر نقرات المؤشر، ...


19-1-2013
العرب...أقلية في ســــوريا !!
  منذ بداية الثورة السورية، ومع كسر حاجز الخوف لدى السوريين، كل القوميات والديانات في سباق لإثبات وجودهم من ...


7-1-2013
أديش طالب بسيارتك؟.. بقلم آرا سوفاليان
  كانت جدتي ماري تأخذني معها الى الفرن او الى السوق او الى محل ابو ابراهيم اللحام في القصاع ...

30-12-2012
بعد كل مخاض ... ولادة
كتب بواسطة rest [email protected] قبل ولادة كل طفل ... أو مولود جديد على هذه ...

30-12-2012
ياوزير العدل
كتب بواسطة أحمد صوان [email protected] وزير العدل ( كائن منفصل عن الواقع ) في الوقت ...

30-12-2012
التناغم بين الاعلام السوري ورد الفعل الامريكي
كتب بواسطة osama [email protected] كلنا نتابع ما يحدث من تطورات متسارعة في دمشق وريفها ...


20-12-2012
محامو حلب الاحرار جنود الحق و العدالة و حماة للثورة.. بقلم المحامي مثنى ناصر
  ماحدث في درعا هز الوجدان والضمير العالمي واشتعلت الثورة بقدرة قادر وخرج الشعب يطالب بإسقاط النظام بعد أن ...

20-10-2012
قصة جمل الممانعة!.. بقلم: محمد كناص
  رسب خلف الطميشان في مادة التعبير! فضجت العشيرة على هذا النبأ وذهبت برجالها ونسائها تستفسر من المدرس عن ...

20-10-2012
رأي .. بقلم طالب العلم الكسندر
  كنت أشاهد حواراً سياسياً راقياً على محطة الميادين الفضائية بين عدة شخصيات معروفة من المعارضة السورية تمثل تيارات ...

20-10-2012
ديناصورات الألفية الثالثة .. بقلم: ماجد جاغوب
يقال دخل اللص الى المنزل وسرق ما خف حمله وغلا ثمنه في غفلة من اهل البيت وحالة الغفلة ...

20-10-2012
تحليل علاقة المعارضة والدور الخليجي في شؤون الثورة السورية.. بقلم: ملهم الكواكبي
  مقدمة : - القوى الخليجية النافذة, خصوصاً حكومتا قطر والسعودية, تنخرط بكل قوتها لتوجيه الثورة السورية في سياق, نرى ...